ضرب وقيس أسي الفردوس
هذه الأيام كل وزير يطلع على صفحته في الفيسبوك أو تويتر يعلن فيه عن قرار يخص قطاعه، وكأن هذه الحكومة ليس لها رئيس.
العثماني رئيس الحكومة جاء إلى البرلمان وقال أمام المغاربة أن الحجر الصحي سيمتد إلى يوم 10 يونيو. وزير المالية جاء بعده وقال أن استئناف الأنشطة الاقتصادية يجب أن تنطلق بعد العيد مباشرة.
وزير الاتصال جاء وقال أن الصحف الورقية يمكنها أن تشرع في الطبع ابتداء من يوم الأربعاء وأن الأكشاك والمكتبات يمكنها الاشتغال ابتداء من يوم غد.
وطبعا فكل مؤسسة إعلامية هي حرة في تحمل تكاليف طبع منشوراتها بعد قرابة ثلاثة أشهر من البطالة انعدمت فيها المداخيل وظلت وحدها المصاريف قائمة.
ونحن مثلًا في المؤسسة الناشرة لجريدة الأخبار كان حرصنا الأول هو أن نضمن دفع أجور الصحافيين والتقنيين والمستخدمين في وقتها كاملة طيلة كل هذه المدة، وقد وفقنا الله لذلك ولسنا نمن على أحد بهذا لأن هذا هو واجبنا الأساسي كمشغل، فكل صحافي أو تقني أو مستخدم يعول عائلة إن لم يكن أكثر من عائلة بذلك الراتب الشهري.
لكن هذا لا يمنع من توضيح بعض النقاط التي يجهلها كثير من المسؤولين حول قطاع الصحافة والنشر، وكما يقول المغاربة "ما حاس بالمزود غير اللي مخبوط بيه".
نحن نرى أن الشروع في تحمل تكاليف الطبع الآن في هذه الشروط يعتبر انتحارا بالنسبة للمقاولات الإعلامية التي تصدر صحفا ورقية يومية. ونحن في المؤسسة الناشرة لجريدة الأخبار قررنا أن لا ننتحر وأن ننتظر رفع حالة الحجر الصحي لكي نطبع الجريدة ونوزعها لكي يشتريها القراء الذين سيكونون بدورهم قد غادروا منازلهم بعد انقضاء مدة الحجر الصحي. أما الآن وإلى حدود يوم 10 يونيو فسنستمر في إنتاج العدد الرقمي اليومي من الجريدة PضF ووضعه للقراء مجانًا في موقع الجريدة الإلكتروني، وقد ضاعفنا مجهودنا خلال مدة الحجر لكي يصبح العدد من ثلاثين صفحة عوض عشرين.
ووزير الاتصال معذور لأنه لا يفهم إكراهات هذه المهنة التي نشتغل بها. فليس الطبع والتوزيع وعرض الصحف في الأكشاك هو ما يدفع رواتبنا وضرائبنا وتقاعدنا ومصاريف الطبع وكراء المقرات وفواتير الكهرباء والهاتف والأنترنيت، بل إن من يدفع ذلك كله هو القارئ، وكما لا يخفى على معالي الوزير فالقارئ طلب منه رئيس الحكومة البقاء في بيته واحترام قرار تمديد الحجر الصحي إلى غاية يوم 10 يونيو.
ولكي يفهم وزير الاتصال كيف تعيش الصحف الورقية، اليومية على وجه الخصوص، فليسمح لنا بأن نشرحها له بالخشيبات، عشرون بالمائة من مبيعات الصحف اليومية تضمنها 200 ألف مقهى التي توجد على طول تراب المملكة. فأغلبية المغاربة يقرؤون مجانًا وخصوصًا في المقاهي، ولذلك فالمقاهي، ولجلب الزبائن، تشتري الصحف اليومية وأحيانا أكثر من نسخة من الجريدة الواحدة حسب طلب الزبائن.
المشكلة يا معالي الوزير أن المقاهي مغلقة طبقا لقرار الحجر الصحي وليس هناك موعد محدد لإعادة فتحها.
وبالنسبة للصحف اليومية هناك شيء مهم آخر تعيش به هو اشتراكات الإدارات العمومية، سوى أن قرارا آخر لوزير الاقتصاد والمالية وتحديث الإدارة صدر يمنع تداول الأوراق ويسعى لتطبيق مشروع صفر ورق داخل الإدارات، مما يعني أن الصحف لم يعد مرحبًا بها داخل الإدارات العمومية. أي أن حوالي 15 بالمائة من مبيعات الصحف من اشتراكات الإدارات ستذهب مع الريح. إلا إذا كانت الصحف غير معنية بقرار "صفر ورق" فما عليكم سعادة الوزير سوى إخبارنا بذلك في تدوينة من تدويناتكم العجيبة، فقد فهمنا أن معاليكم تفضلون التدوينات على البلاغات الرسمية.
أما بالنسبة لبعض الصحف والمجلات المحظوظة التي كانت شركة الخطوط الجوية الملكية تشتري منهم يوميا
وأسبوعيا وشهريا نسبة من نسخها لوضعها مجانًا رهن زبائنها فستجد نفسها محرومة من هذه البركة لأن شركة لارام بنفسها بحاجة لمعجزة تنقذها من العجز الذي تغرق فيه كل يوم.
أما مبيعات الصحف فهي لا تضمن حتى تكاليف الطبع، مما يعني أن الناشرين يبيعون الصحيفة اليومية بالخسارة، لأن هامش الربح بالنسبة للمؤسسات الصحافية يأتي من الإعلانات، كما في كل بلدان العالم. المشكلة هنا أيضا أن سوق الإعلان نفسه يطلب النجدة، وشركات التواصل والإشهار علقت دفع مستحقات الإعلانات للجرائد لأنها بدورها تنتظر من زبائنها أن يدفعوا لها مستحقاتها، والذين عليهم دفع هذه المستحقات أغلبها مؤسسات عمومية أول ما ضحت به هو ميزانيات الإعلانات والتواصل. وسير نتا تسنى عبقادر حتى يخلص من دابا لعام الجيلالي باش الجيلالي من دابا لعامين يخلصك نتا، هاد الشي إلى هداه الله وخلصك.
وطبعا هاد الشي كامل معالي سعادة الوزير ما فراسوش،
فهو يعتقد أن التسبيق على الدعم الذي سيصرفه استثناء نهاية هذا الشهر للصحف هو ما يجعلها تصدر طيلة السنة، والحال أن الدعم الذي نتوصل به نحن مثلًا سنويًا في جريدة الأخبار لا ينفع سوى في تسديد فاتورة شهر واحد من فواتير المطبعة.
لذلك استيقظ معالي الوزير الفردوس صباحا وطلب من الناشرين أن يطبعوا صحفهم ومن الأكشاك والمكتبات أن تفتح أبوابها، ولم يبق له سوى أن يقول للمواطنين الذين يدمنون على قراءة الصحف ويطبقون قرار الحجر أن يكسروا هذا الحجر وأن يخرجوا لاقتناء جرائدهم المفضلة لأن وزير الاتصال منح الجرائد الإذن بالصدور.
دابا واش المواطنين يسمعو ليك نتا ولا يسمعو لرئيس الحكومة ؟
وملي يسمعو ليك نتا ويخرجو ويشدهم المخزن مهرسين قرار الحجر أجي خلص عليهم الغرامة ديك الساعة نتا.
رشيد نيني
0 تعليقات
أكتب لتعليق