إنهم ماضون بنا يا صديقي
في تجريّدنا من كل ما يخوّل لنا أن نكون، بالاحتفاظ به ، آدميين محتكمين
لحكمة العقل لا لوساوس الغريزة وتقلبات مناخ الصورة والدعاية والإعلام..
يُغذوننا بأفكار دخيلة مستوردة أنتجتها ظروف وخصائص محددة - خاصة ومقتصرة -
على بيئة ما ومكان بعينه، إن دُفعت خارجه ، سيصيبها ما أصاب السمكة
المسّْحُوبة من الماء، إن لم تمت، أصاب الخلل جهازها العصبي وعاشت بلا
بوصلة طول ما لم تصطدها شباك صياد ..
يشحنوننا بأفكار ومفاهيم عيش لا
علاقة لها بأنماط تفكير مجتمعنا البسيط والجميل النّاهل من تقاسيم وتضاريسو
الأرض؛ لونًا.. ومن السماء؛ زرقة... ومن الماء حنين ذاكرته لمجراه القديم
مهما طال غياب جريان سَيله.. وقد أوكلت الطبيعة مهمة محددة لكل شيء يتواجد
على هذه البسيطة المكوّرة، وحذرته؛ من محاولته التمرد والانزياح عن الدور
المنوط به - ثابت كقطع غيار سيارة - كي لا تختل عقارب دوران الزمن وتحدث
عِلِّة مرضية بالوجود..
لا أحد كان سيصدق أن دور القطّط اليوم هو موضة
وبريستيج بين مختلف طبقات المجتمع؛ فبعد أن انحسرت لسنوات طويلة بين نساء
الطبقة المخملية، صرنا نلمس ونشاهد تنافساً حادا بين نساء الصف الثالث في
امتلاك قطة نظيفة لا معنىً البتة من تواجدها بين جدران البيت، لأن الأصل،
ضريبة الإنتماء للطبيعة، أن وقت كانت تستلقي على أريكة ناعمة بفروة نظيفة
ببيت البشر، كان يجدر بها أن تطارد الجرذان بالمجاري المائية كي لا تتكاثر
وتتناسل وتتقوى وتغزو المدن مسترجعة ذكرياتها مع نشر الطاعون.. يوم ضرب
الطاعون مدينة الدار البيضاء وعبرها هام في النواحي حاصدا الأرواح؛ كتب احد
الكونياليين الفرنسيين في سخرية تحمل بعض الحقيقة:
- " أن هذا الحال سببه أنّ القطط لم تعد تلعب دورها الطبيعي في حصد أرواح الجرذان بعد أن هجنها الإنسان لتصبح مؤنسته".
لا
أحد كان سيصدق أن تتواجد من الكلاب ما يشبه "بلطوفة" نساء صالونات
الحلاقة، وتهربت من أداء وظيفتها في الحراسة والنّباح طوال الليل تحت
النجوم، حيث أضحت تسبقُ البشريين للنوم في أمكنتها الناعمة المُرتبة
بعناية..
ومن التلفاز تخرج رصاصة قتل هويتنا عبر كل صورة ومشهد وإشهار
وكبسولة .. لا أذكر من قال هذا الكلام، وكل ما أذكره، هو قصة لأدولف هتلر
في اجتماع له مع متعاونيين معه المسؤولين عن قيادة المؤسسات.. إبان
الإجتماع أظهر كل القياديين حماستهم لاستعمال القوة والبارود في حق أي
مختلف وعدوّ، وعددوا عدد من الأسلحة القادرة على نسف ودكّ القلاع والحصون
وحصد الأرواح .. ثمنوا الدم وأرادوه الوسيلة الوحيدة لجعل كلمة هتلر
وألمانيا دائما على حق.. على كرسي بالطاولة، وفي نهاية الصف الأيمن من
وقوف هتلر، نطق جنرال وقور تشوب ملامح وجهه القسوة، ظل صامتا طول الإجتماع
لم يُسمع له صوت؛ بأن قال:
- لن يفعل الدم ما سيفعله الإعلام..
شرح
لهم بأنهم قد يقتلون ألف شخص موزعين بين المدنيين والعسكريين، لكن سيحصلون
على عشرة ألف عدو، أما التحكم في العقول والسيطرة على تقيمات المفاهيم، لا
أحد ينتبه لخطورته على البشرية.. إذ لا يقتل البشر وحسب.. بل يدمر الأجيال
تبعاً..
لأحمد خالد توفيق نغنّشة كتابة مختصر معناها يقول : ماذا
ستقدّم لي امراة احبّت قبلي أحدهم ".. و بتصريفة معجمية أخرى طرح أنيس
منصور السؤال نفسه :" ماذا ستعطيني من قُطفت ثمار غلتها سابقا". مصطفى
لطفي المنفلوطي كان أكثر حكمة بين الاثنين ولعب على الوترين كي لا يخسر صفّ
نّون النسوة ، حيث قال : " المرأة المُستعملة كثيرة الأعطاب. تشبه سيارة
قديمة ترتاح لها ممّا سيجبرك على تحمل كل توقّفاتها في الطريق"..
نفس السؤال بالدارجة سأله صديق لي في العمل استغل حديثا جانبيا دار بيننا عن شكل ومنظومة ومعايير الزواج اليوم، ليباغتني بالسؤال:
-
أش غا تعطيني وحدة سبق ليها وعطّات كولشي لي عرفاتهم قبل منّي.. عطات
مشاعرها من قبل لعشرة ولّى عشرين.. عطات طاقتها الشمسية.. دازت كاع من
ديور الكرّا فالصويرة وخلات فيهم كل ما عندها من حيوية ونشاط ونكهة..
شربت الموناضا الحارة مع الرعاوين.. لي ما عضّ ليها ف التفاحتين باسهُم..
ولّي ما طْبَعْ ليها الدلاّحة صرفقها... مشّات لمير اللفت مع خمسة وسادسهم
كلبهم... عطات القشدة الطرية ديال الحلوة وخلات غا القالب.. عطات مواقفها
وأخلاقها للهوى والنزوة..
في نظرك أسي حسن، هاذي لي غا نجيب وعاطية هادشي كامل من قبل..
أش غا تعطيني أنا؟!!
تساؤله مشروع على أية حال..
ولكم واسع النظر
0 تعليقات
أكتب لتعليق