تغريدة "باهظة" الثمن
تغريدة السفيرة الفرنسية بالرباط التي قالت فيها إنها تواصلت مع شكيب بنموسي، رئيس اللجنة الخاصة التي أوكل إليها الملك إعداد النموذج التنموي الجديد للمغرب، وأن هذا الأخير قدم لها تقريرا مرحليا حول عمل اللجنة، يمكن أن يكون مفتاح قراءتها من جملتها الأخيرة حيث تقول "آفاق جد واعدة للعقد الاقتصادي الجديد".
لفهم حديث السفيرة الفرنسية عن الاقتصاد وآفاقه الواعدة يجب أن نعود شهرين إلى الخلف لكي نتذكر ما طالب به الجواهري والي بنك المغرب مدراء البنوك. لقد طالبهم بعدم توزيع الأرباح السنوية لأن الوضع المالي للمملكة لا يسمح بذلك.
المطلب كان هو ضخ الأرباح في الاستثمار لتحريك عجلة الاقتصاد والاستهلاك.
الذي حدث هو أنه قبل أربعة أيام أعلن بنك Crédit du Maroc عن نيته توزيع أرباحه السنوية على المساهمين، ومن هو المساهم الرئيسي في هذا البنك ؟ إنه بنك Crédit agricole s.a الفرنسي الذي يملك 78,7 من أسهم البنك، مما يعني أن أرباحا بملايين الأورو ستخرج من المغرب لكي تذهب إلى خزينة البنك الفرنسي الأم.
لذلك بمجرد ما أعلن البنك عن نيته توزيع الأرباح تحركت الهواتف واضطرت إدارة البنك إلى إصدار بلاغ تقول فيه أن قرار توزيع الأرباح تم اتخاذه في الجموع
العامة وأن الإدارة داخلة في حوار مع بنك المغرب للتوصل لحل.
نفهم من بلاغ البنك أنه متمسك بتوزيع الأرباح، وأن هناك مفاوضات لتحديد السقف.
فرنسا لديها حضور بنكي قوي في المغرب عبر فروع بنوكها الكبرى مثل BMCI Paris bas و CG و CA.
وهذه البنوك كلها حققت أرباحًا كبيرة برسم سنة 2019، وتريد توزيعها على المساهمين، الذين ليسوا سوى البنوك الأم في باريس.
وليست فروع البنوك الفرنسية في المغرب وحدها من تريد توزيع الأرباح وإرسالها بالعملة الصعبة لشركاتها الأم بفرنسا بل هناك شركات فرنسية أخرى تشتغل في مجالات مختلفة، منها قطاع صناعة السيارات، الذي تعتبر عائداته بالنسبة لخزينة المغرب أكبر من عائدات الفوسفات.
لذلك فهناك ما يشبه الضغط أو الابتزاز في الهواء، تريدون أن نبقي على وحدات إنتاجنا في قطاع السيارات مفتوحة تشغل حوالي 100 ألف مغربي فهناك مقابل وهو إخراج الأرباح بالعملة الصعبة.
خصوصا وأن الشركات الفرنسية الأم العضوة في CAC 40 أعلنت تكبدها لخسائر تتراوح ما بين 20 إلى 30 بالمائة، فضلًا عن ارتفاع أصوات تطالب ماكرون بإعادة الصناعات الموطنة خارج التراب الفرنسي لتشغيل اليد العاملة المحلية، والمغرب يحضر في خطابات هؤلاء كبلد مستهدف بهذا المطلب.
مطلب والي بنك المغرب كان هو أن مساهمة هذه الشركات الأجنبية في المجهود الجماعي ضد جائحة كورونا هو تخليها هذه السنة عن توزيع أرباحها وضخ هذه الأرباح في الاستثمار من أجل تحريك عجلة الاقتصاد.
يبدو أن هذه الشركات الأجنبية، خصوصا البنوك، لديها تعليمات أخرى من إدارات شركاتها الأم تطالبها بإرسال الأرباح بالعملة الصعبة لأنها هي أيضا تعاني من الأزمة.
في أبريل الماضي أكد الجواهرجي والي بنك المغرب
وجود إحتياطي 24 مليار يورو من العملة الصعبة كافية لخمسة أشهر مقبلة.
نحن اليوم في بداية يونيو وليس هناك أي تقرير صادر عن البنك المركزي حول احتياطي العملة الصعبة.
رشيد نيني
0 تعليقات
أكتب لتعليق