الآن عرفت لما كنتُ أحبّ روبي؟
كنت أظن أن حبّي وولهي وعشقي للفنانة روبي سيتلاّشى بمجرد تجاوزي لمرحلة الخطر.. دون ندّوب محفورة بالذاكرة أو إنكسارات تُحتّم عليّ مراجعة دروس الحياة جيداً تفادياً لما يخبئه المستقبل المجهول من حُفر .. بلا ذكريات سيئة مُنغصّة تَحيّا مع مرور الزمن؛ كجمرة، وتُفقدك القدرة على أن تستمتع بفترة النضج، وأنت حرّ من تحكم هرمون الجسفرون في تصرفاتك وردود أفعالك وإنفعالاتك غير المحسوبة.. أحببتها سنوات المراهقة بشدة وعنف دون ضوابط منطقية.. وقتها؛ كنت مشدودا لجسدها أكثر من كلمات أغانيها الرومانسية الرطبة.. كنت مفتونًا بعُوّد جسدها المنحوت ببراعة وحرفية لا يمكن أن تأتي إلا من ربّ عظيم.. بسحر عينيها البنيتين اللّتان لا تخدعنا بلون عدسة مغشوش.. كما كانت تفعل إليسا أو الراقصة أروى .. انبهرتُ بلون بشرتها الذي لا يملكه إلا شخصان وحيدان العالم؛ محمد منير المُغني، و ويل سميت ممثل أمريكي من أصول إفريقية.. لا رابعُ هناك يقتسم مع الثلاثي نفس اللون الفريد لبشرة غير دُهنية ولا ترّشح.. في الغالب؛ عموماً يعني، من يملكون لون بشرة روبي يعْرقون كثيرا؛ إلا أنها، ومن ذكرت معها، يتميزون بغياب العرق وهنا مكمن تميزهم وفرادتهم..
لم تكن وحدها في الساحة آنذاك.. وقت بَانت هيّ، في بداية الألفية، كانت هناك أخريات يقاسمنها العرض على قناة ميلودي.. إليسا .. هيفاء وهبي.. نانسي عجرم.. شيرين عبد الوهاب... نوال الزغبي.. وغيرهن الكثير، ولو أن الشغب يجرني لأن أهتم بهيفاء ء في أوقات متفاوتة ء حسب المزاج والنفسيّة، ظلّلت أحتفظ بحبٍّ جمّ لروبي.. لم أعِ وقتها لما أحب روبي بالذات..!! الساحة عامرة بمغنيات لا يفضلن الغناء بملابسهن كاملة.. لما هي؛ لم أعرف وقتها، وكل ما كنت أفعله، أراقب مراهقات ثخوم القرى القادمات للفيلاّج على درجارتهن العادية وهن يقلّدن روبي.. يدفعن بمؤخراتهن للخلف قليلا.. يخرجنها قليلا عن سِرج الدراجة.. المقعد كان يسّع كل اللحم، لكنهن، وبدافعٍ من روبي وتحميسها لهن للقيام بالأمر، دفعن بجزء منه للخارج ممّا اتاح لنا فرصة العثور على مادة للإستمناء نحن جيل صابون الكفّ.... غابت روبي عن الساحة الغنائية والتصق اسمها بالتمثيل دون بهرجة صوتية؛ اللهم في بدايتها مع كاميرا مخرجو المسلسلات والأفلام؛ وهم أبعد عن مخرجو الفيديو كليبات.. صحيح غابت كمغنية عن شاشة ميلودي موسيقى وروتانا أغاني ، عدا أن حبّي لها لازال كما لو أني ذاك الشاب المراهق النَّطع في نهاية عقده الأول من عمره.. ما اختلف الحبّ.. ما تغيّر واختلف، أن بلغَ أوان أن أعرف: لما كنت أحبها دونًا عن غيرها من المغنيات والفنانات المعاصرات لها في الفترة وفي التهييج. ..
الآن عرفت لما أحبّبت روبي بالضبط.. دعني أولاً أستحضر واحدة من الحكم التي لم أعد أتذكر قائلها بالتحديد.. ربما هو ماركيز أو كويلهو.. أحدهما قالها... " في منتصف الثلاثينات من عمرك ستعرف الدافع خلف حبّ المراهقة".. صحيح..الآن عرفت لما أحببت روبي.. ..
هل أهانتك روبي يوما كمعجب مَفتون بها؟ إطلاقاً لا ! كانت ترقص دوماً وحيدة ولا تستعين ب موديل رجالي وسيم جذاب تمكنُه من جسدها.. كانت بالنسبة لنا الحُلم، وهي، ببقاءها وحيدة بلا مُوديل، توجج الحلم وتغذيه.. أتاحت لنا فرصة السماح للخيّال بالرّمح والركض والجُموح.. لم تُقيدنا بشروط وموصفات معينة على فارس أحلامها التوّفر عليها.. مثلا، إليسا، كان حبيبها ذا عينان بلون السماء.. هيفاء، تختار أصحاب العضلات من من تنبثُ لهم لحيّة صهباء.. روبي فتحت المنافسة للجميع.. الكلّ يحبّها، والجميع يعتبرها ملكاً له وحده..
روبي حين عرفتها عرفت عنها الغموض .. لم تظهر ببلاطو أيّ برنامج مهما كان نوعه.. ويوم دعتها هالة سرحان رفضت وقالت حسب الصحافة : " لست بالشجاعة لأن أفضح أسراري".. طغى الغموض على حياتها الخاصة ولم تكشف عن موصفات فارس أحلامها كما فعلت الأخريات..بقت حياتها مجهولة مخفية؛ فأتاح لنا ذلك المزيد من نشاط الخيال واستعار حبّ روبي داخلنا..
روبي لم تخدعنا.. مؤكد أنها عاشت بجمالها الطبيعي الآخاذ.. لا اعلم ما تفعل لأن تكون بلون الزمردة حين تخفتُ أنوار الشمس، لكن ما أنا متأكد منه، أنها لم تكن بغش باسكال مِشعلاني .. أعطتنا هويتها الشكلية من البداية، ما قرأنا عنه يوما عن جمال الفرعونيات بكتابات محمد حسنين هيكل والعقاد.. كانت كما هي، وابتعدت عن مشارط أطباء عيادات التجميل ببلبنان؛ فضمنت أن حافظت على مصداقية حبّ من اكتشفوا ء يومًا ء وجودها على الدراجة..
لهذا أحبّ روبي للآن..
حسن الحافة
0 تعليقات
أكتب لتعليق